تجربة النادي البيئي المدرسي
تعتبر تجربة النادي البيئي في "مدرسة النهضة الوطنية _ دير الشير" في بلدة بمكين – قضاء عاليه، استثنائية في مسيرة الجمعية، كونها تجربة تخطت اطارها التعليمي التلقيني، لتتحول على مدى عشر سنوات نموذجا يفترض تعميمه، لتصبح البيئة جزءاً من سلوكيات الطالب وثقافته، ولعل ما حققه النادي في اطار الشراكة مع "جمعية غدي" وبالتعاون مع وزارتي البيئة والزراعة في مراحل سابقة، يمثل خطوة مهمة تجلت في انشاء أول مشتل زراعي في لبنان يرعاه الطلاب عملاً ومتابعة وانتاجا.
المشتل الزراعي التربوي الاول في لبنان
انشىء المشتل الزراعي التربوي الاول في لبنان عام 2002 في احدى حدائق المدرسة الخارجية، ليؤكد اهمية الاندية البيئية في المدارس، وامكانية ان تكون حاضرة بانجازات مهمة، اذ تمكن الطلاب حتى الآن من زرع اكثر من عشرة آلاف غرسة حرجية من أرز وصنوبر وسنديان وجوز وحور وغيرها من الانواع التي تلائم بيئة لبنان، في مختلف المناطق، فضلاً عن رفد المشتل الاندية والبلديات والجمعيات البيئية بكميات من الاغراس.
هذه التجربة كرست مفاهيم متقدمة، وأهميتها أن التلميذ تحول معها من متلقي إلى عنصر فاعل يزرع البذرة ويتابع رعايتها لتصبح غرسة فشجرة، فهو يقوم بريها، ويعمل على تهيئة التراب واعداد الاكياس الخاصة لزرع البذار لكل موسم، فضلاً عن زرع بعض الاغراس التي انتجت في المشتل. بمعنى أن البيئة لم تعد نوعاً من الترف، وإنما فعل وعمل يؤسس لجيل لا يمكن أن يقدم على قطع شجرة، بعد أن توطدت علاقته بها وعرف أهميتها ليس من خلال محاضرة واحتفال خطابي بعيدها.
فمن مشتل متواضع، عملت"جمعية غدي" على تطوير هذا الانجاز، في إطار الشراكة مع إدارة المدرسة على استحداث مشتل نموذجي في الجهة المقابلة للمشتل القديم الذي شهد تبلور هذه التجربة،ضمن خطة الهدف منها تعميم الفائدة على المدارس اللبنانية، وتأمين انتاجية اكبر، خصوصاً وان الدراسة التي اعدت للمشتل الجديد لحظت إمكانية انتاج 3 آلاف غرسة في العام.
تأتي هذه الورشة ضمن خطة عمل مستقبلية أطلقتها الجمعية، تهدف إلى تأمين أكبر كمية ممكنة من الشتول والأغراس وجعلها في متناول الأندية والجمعيات الأهلية.وتكمن أهمية الخطة أنها ساهمت في تفعيل برنامج التربية البيئية الذي كانت قد أطلقته الجمعية في العام 2002 تحت عنوان "التلميذ الأخضر، المعلم الأخضر، المدرسة الخضراء" بالتعاون مع وزارة البيئة آنذاك، وبتشجيع تلامذة المدارس على زرع الأشجار وإيجاد خطة مبسّطة لدعم الدولة وتخفيف بعض الأعباء عنها.
وسمحت لنا مدرسة النهضة الوطنية – دير الشير مشكورة استعمال قطعة أرض مخصصة لإقامة هذا المشتل، الذي اكتسب أهمية استثنائية على مستوى القطاعين التربوي والأهلي، والدعم الاساسي هو من المدرسة ومديرها الاستاذ عصام خلف وهو عضو شرف وأحد اركان جمعيتنا. ولا ننسى في هذا المجال ما بذله أعضاء الهيئة التعليمية.
والمشتل ليس مشتلاً تجارياً، ويعمل فيه تلامذة من مختلف المدارس اللبنانية. أما دورنا كجمعية فيتمثل، بتقديم البذور التي نسعى للحصول عليها من مصادرها الطبيعية الأفضل من حيث النوعية.
إن التلامذة على سبيل المثال، يطلبون من المواطنين أغصان الورود الناجمة عن التقليم، ليقوموا بزرعها في المشتل، فلقد أدركوا بالتجربة معنى العمل والتعب والتعرف أكثر على الحياة الطبيعية. والمشتل يبقى ورشة مستمرة قابلة للتطوير وفي هذا السياق اعتمدنا زراعة الاشجار المثمرة ايضا، وهي تحتاج الى عناية اكبر وهناك تعاون مع جامعة الحكمة ومؤسسات تربوية مختلفة، ونسعى الى تخصيص مساحات في المشتل للمؤسسات التربوية لتعتني هي بها خصوصاً المدارس في العاصمة بيروت حيث ليس ثمة أماكن لزرع كميات كبيرة من الأغراس.
وقف التعديات على البيئة
في ظل الوضع السياسي المعقد في لبنان، كنا وما نزال نعول دائماً على الصحافة التي تمكنا معها من تسليط الضوء على كل التعديات البيئية من مرامل وكسارات وغيرها، وفي بعض الاحيان كنا نتحرك على الارض بتجمعات شعبية للضغط على السياسين من اجل تحقيق العدالة البيئية "فلا يموت حق وراءه مطالب"، وتمكنا بدعم المواطنين والصحافة من إقفال عدة كسارات ووقف التعديات على البيئة وتصويب أمور عديدة على مستوى قضايا عامة تربوية واجتماعية.
Back